الموقف السياسي ليس مثالياً علي الدوام…

 

 

 

 

 

صالح أشواك

16/10/2018م

 

الدول لها مصالحها و علاقاتها المعقدة سواء كانت الاقتصادية أو السياسية أو الأمنية أو العسكرية و لكل منها مسار قد لا يلتقي مع مسار المصلحة الأخرى و لكل منها مؤسسات تنظر لطريقة التعاطي معها و لها أدوات إدارتها المنفصلة.

في سياق هذا الفهم فليس مستغرب حصول إرتريا علي مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة و التي هي بالأساس هيئة سياسية تديرها قرارات الدول المؤتلفة فيها و بالتالي فأنها ليست الإطار المثالي للتعبير عن حقوق الإنسان علي نحو يحقق مقاصد التشريعات لأنها ببساطة تخضع لموقف سياسي مصلحي يفسر و يبرر لكل شيء من منظور مصالحه المتشابكة مع الدولة المعنية و في اعتقادي أن لكل قارة نسبة تمثيل محددة كما هو معلوم للجميع  فأن قارة إفريقيا لها 13 مقعد و الذي حدث أن أثيوبيا منحت مقعدها لإرتيريا و تم التصويت علي هذا الأساس إذ أنه كان بمقدور إثيوبيا الترشح لدورة أخرى و فق ما ينص عليه النظام و أن أغلب الدول الإفريقية الأخرى تنتهى دوراتهم في نهايات 2019و 2020م و بالتالي لم يكن هناك من يزاحم إرتريا من الدول الإفريقية في ظل دعم أثيوبي واضح للتصويت لصالح إرتريا و حتماً هذا يندرج في إطار تشابك و تعقيدات المصالح الذي أشرنا إليه أنفاً .

ابي أحمد كان يدرك تماماً أن أكثر ما يزعج النظام هو العزلة الدولية التي فرضت عليه لذا أراد أن يقدم العرض السخي الذي يجعل النظام الإرتري تحت سيطرته و هذا كان بادياً في حديث أسياس الذي تجاوز كل الاسس السيادية ليعلن لأبي أحمد أنه قد خوله كل الصلاحيات فقط عليه قيادتنا و لذا أول ما طالب به ابي أحمد هو رفع الحظر عن إرتريا بدعوته للأمين العام للأمم المتحدة و في تصوري أن النظام الإثيوبي الذي تبدو علي رئيس وزرائه حالة من الاندفاع التي تقرأ من البعض بأنها حماسة و عند البعض بالبلاهة فلا أظن أن الرجل يعمل من منطلقات رؤية فردية بل يعمل عبر رؤية مؤسسية متوافق عليها في إطار قيادة و نخب الأرومو و بالتالي فأنهم يتعاملون مع النظام بطريقة (أكل العنب حبة حبة) و في تصوري عضوية النظام في مجلس حقوق الإنسان علي أهميتها للنظام الذي كان يحتاج إلي أي نصر دبلوماسي فأنها لا تشكل عاملاً حاسماً في فك عزلته الدولية ، الشاهد أن أثيوبيا(الأرومو) تعلم حقيقة تفكير و عنجهية رأس النظام الإرتري و عدم احترامه للمواثيق و الاتفاقيات و العمل المشتركة و لديهم تجربة الرجل مع شركائهم التقراي و بالتالي سوف لن يعملوا علي حل (حبل المشنقة) من جيده بصورة نهائية و في تصوري المكر متبادل بين الطرفين و هذه حقيقة يجب عدم إغفالها مع إنني ميال إلي القول علينا التسليم بها .

  لذا علينا أن نعمل باتجاه أخر و هو أكثر مثالية من تعقيدات المواقف السياسية، أن نكون أكثر تفاؤلاً و أن نصفع هذا النظام في وجهه بهذا التفاؤل و أن لا يدب في قلوبنا و عقولنا إحباط ناجم عن قراءات قاصرة و أن نكون إيجابيين في تصور أننا نمتلك كل الأدوات التي تؤهلنا لمجابهة هذا النظام و منازلته في هذا الميدان الذي هو فرح بالجلوس في منصة عضويته ، و ظن أنه سيكون وبالاً عليه.

 علينا أن نكون نحن أكثر مثالية من المواقف السياسية  في ان نعيش في صميم هذا الوسط الذي نرى مفاسده في كل ناحية والذي صممنا على محاربته والظفر عليه، دون أن نفقد أملنا بأن يخرج من صميم هذا الوسط الفاسد نور الحياة لشعبنا الإرتري البطل.

و علي الناشطين في مجال الدفاع عن حقوق شعبنا و القريبين من المنابر الدولية سواء كان في طبيعة نشاطهم و اهتماماتهم أو لعامل الجغرافيا عليهم أن يتسلحوا بالمعرفة التنظيمية لطبيعة ادارة أعمال جلسات المجلس و العمل علي اختراق جلساته من خلال الضوابط المنظمة لحضور الهيئات المدنية و الحقوقية الغير رسمية و التواصل و الانضمام إلى المؤسسات التي لها الصفة الاستشارية و التي يحق لها حضور الجلسات بصفة مراقب و لها حق تقديم بيانات مكتوبة إلى مجلس حقوق الإنسان كما لها حق الإدلاء بمداخلات شفوية و هذا يحرج النظام و ممثليه.  

علينا أن نفكر في أدارة معركتنا مع النظام حيث أراد لنا القدر السياسي أن ندير معه المعركة في ميدان هو فاعل فيه و لعل في ذلك مكسب لنا فيما لو تم استغلاله بشكل ناجع و ناجح.

وعلي القوى السياسي العمل علي إدارة معركتها مع النظام من خلال إيقاف معاركها البينية و العمل علي تأجيل كل التباينات و أن تتوحد علي قاعدة تحرير الإنسان الإرتري من ربقة و جور النظام ، و في تصوري الأمر يحتاج إلي إرادة سياسية و اولى المعارك التي سيهزم فيها النظام هي وحدة العمل المشترك للمقاومة الوطنية لهذا النظام.

احدث المنشورات