بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوة والأخوات والأبناء أعضاء المؤتمر الوطني العام التاسع لجبهة التحرير الأرترية
تحية نضالية طيبة وبعد
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، يطيب لي ونحن نعقد مؤتمرنا التاسع أن أحيكم فرداً فرداً وكان بودي أن أكون بينكم إلا أن ظروفي الصحية التي تعلمونها حالت دون تحقيق هذا الحلم ، لهذا قررت أن أكتب إليكم هذه الرسالة وعبركم لأبناء شعبنا العظيم وانا ادرك ان جل أعضاء المؤتمر يعرفون من هو حامد محمود حامد فأنا من جيل إلتحق بالثورة وكنا فتيان تجاوزنا بقليل سنوات الحلم ، إلتحقت مقاتلاً حاملاً روحي كغيري من رفاقي المناضلين الأحياء والشهداء ما كنا ندري اننا سنعيش
لهذا الوقت لهول ما رأينا وخضنا من ملاحم ولكنها اقدار الله وأحكامه فليس بالضرورة أن يموت من خاض الوغي في اتونها وها هي حالي وحال الكثيرين من رفاقي تؤكد ذلك ، كنت مقاتلا وقائدا في جبهة التحرير الارترية التي تدرجت في صفوفها من قائد مجموعة عصابية صغيرة إلى قائد سرية الى قائد كتيبة إلى قائد لواء الى قائد جبهة قتال الى رئيس للمكتب العسكري وطفت في ارجاء ارتريا الجغرافيا ، بحيث أستطيع أن أقول بملئ الفم لاتوجد بقعة في إرتريا لم تطأها أقدامي وخاصة ضواحي العاصمة أسمرا إقليم حماسين وبركة القاش والساحل .
قضيت خمسة عقود وأنا أدافع عن حق الشعب الارتري في الحرية والاستقلال والكرامة الانسانية وراهنت كل حياتي في سبيل هذا الهدف النبيل وطوال سنوات النضال كان حلمي وحلم الألوف من المقاتلين الذين زاملتهم في ساحات القتال أن
تكون إرتريا دولة لكل أبنائها وأن تكون واحة للحرية والعدل والانصاف وأن تكون معاناة طريق الكفاح المسلح آخر ما يدفعه الشعب الارتري من ثمن ، وهذا أقل ما يستحقه الشعب الارتري الذي بذل ارواح أبنائه ودمائهم كان الحلم أن تكون خلاصة كفاحنا دولة نتساوى فيها نعيش على أرض آبائنا واجدادنا يعود اليها اللاجئون ، دولة تفتح حكومتها أياً كان لونها أحضان الوطن لكل أبنائه دولة يتساوي في ظلالها كل الارتريين دولة تبني للاجيال صروح الانتاج والامجاد وتكون حكومتها مرأة تعكس تنوع وجه الشعب الارتري وتسهر على مصالحه وعيشه المشترك ، لاسلطة تعكس جزئياً وجها صغيرا وتهمش وتقصي باقي مواطنيها وللأسف الشديد ولسوء طالع الشعب الارتري حدث مالم يكن في الاحسبان بل وحتى في الخيال ، إذ أصبحت ارتريا بعد الاستقلال وبعد كل تلك الدماء والارواح والدمار وطنا طاردا تسيطر عليه حفنة نخبوية لاتفكر في شيئ إلا في إستمرار سلطانها وتمارس بدم بارد قتل وإقصاء كل من يخالفونها الرأي ، فاصبحت في بلادنا أعداد المعتقلات والسجون العلنية والمخفية أكثر من عدد المشافي والمدارس وأضحى إختفاء الناس أمراً يومياً وأصبح الكلام لدي شعب ومناضلين لطالما تحدثوا كثيراً في السهول والوهاد والمهاجر محرماً ، ففقد الناس في بلادنا أبسط معاني الحرية وأهدرت كراماتهم وسار النظام بعيداً وطبق سياسة التغيير الديمغرافي ومارس الاحلال والابدال مما يفتح بلادنا أمام حروب أهلية بالغة الخطورة على مستقبل وجودها كوطن مستقل وموحد .
ورغم بريق الحرية الذي تراءى للناس في بلادنا في البدايات الأولى وصاروا لايسمعون لفرط الأشواق الدفينة لأرتريا الدولة إلا أنني ومع ثلة من رفاقي كنا على يقين أن هذا ليس أكثر من سراب يحسبه الظمآن ماءاً .
لهذا واصلت مع إخواني في قيادة جبهة التحرير الارترية الكفاح لذات الأهداف وتعرضنا في سبيل ذلك لمآسي وضغوط والكثير الكثير ليس من الخصم فحسب بل من أقرب الناس إلينا البعض كان يعتقد اننا نهوى المعارضة تعرضنا لألوان من القهر والاستعلاء والازدراء بل والتهديد الصريح والتضيق والتشويه ولم يكفهم كل ذلك فمارسوا الاغتيال في كل فرصة لاحت لهم قبيل الاستقلال وبعده أصبحوا ذئاباً شرسة تنهش في أجساد المناضلين لم ينجو من ذلك المآل إلا من كتب الله له النجاة وتعرفون أننا دفنا في مدن اللجوء والمهجر العشرات من المناضلين وكان أولهم عثمان عجيب ،
هيلي قرزا ، هنقلا ، محمود حسب ، سعيد صالح ، ولدي دوايت تمسقن ، اسماعيل عبد الحميد أزهري ، أتفأ عمر ، وطالت الايدي المجرمة العديد من المناضلين الأشاوس الذين لايمكن أن ينساهم من عاش معهم لبعض الوقت فكيف من عاش معهم كل الوقت وعلى رأس هؤلاء ، محمد حامد تمساح ، عثمان صالح علي ، قرينت محمد قرينت ، إدريس حامد موسى ولم يكتفوا القتلة بذلك بل عملوا على تخريب العلاقات المجتمعية وعبثوا بالنسيج الوطني وخاصة ذلك الذي أوجد الثورة من العدم وأشعل أوارها ، وتعرفون كم راح وتوفي في المهجر ودفن فيها العديد من المناضلين الذين كرسوا حياتهم من أجل الشعب الارتري وعلى رأس هؤلاء القائد المؤسس إدريس محمد آدم والقائد عبد الله أدريس محمد والقائد محمد أحمد عبدو والقائد أحمد محمد ناصر والقائد عثمان صالح سبي والقائد آدم صالح شيدلي والقائد جعفر على الاسد والقائد الاستاذ محمود محمد صالح والقائد الاستاذ صالح محمد محمود والقائد النقابي حشكب أبوراشد والقائد النقابي محمد نور قرقيس أبو هاشم وقائمة طويلة من المناضلين الشرفاء .
الاخوة والاخوات : لم أتوانى للحظة عن أداء الواجب النضالي وبقيت على العهد عهد المناضلين والشهداء وكان بودي أن أشارككم في أعمال المؤتمر التاسع ولكن وضعي الصحي لم يسمح بذلك ولم أرغب أن اُ تعب أبنائي وأتعب بينهم فلم يعد الجسم كما كان لم أعد قادرا على إحتمال ما كنت أحتمله ، لهذا اسمحوا لي هذه المرة أن أغيب بل أسمحوا لي هذه المرة أن أترجل وأنا على يقين بأنكم تقدرون وضعي واسمحوا لي أن أتقدم اليكم بهذه الوصايا
1 / اوصيكم بواجب النضال الجماعي المنظم وأن تكونوا قدوة للناس وأن يكون ما هو بينكم بينكم وما للناس هوما يدفع العمل ويرفد التنظيم .
2 / عليكم بتقوية الجبهة بلا كلل لآنها واسطة عقد الوطن الارتري وبضعفها كم ضعف الوطن وضاعت الحريات واهدرت الحقوق والخصم لايفهم الا لغة القوة للاسف الشديد ولن يعالج قضايا الوطن مع الناس وللناس الامجبراً .
3 / الايمان بأن ظروفنا الراهنة الصعبة هي محطة عابرة لطالما تجاوزنا ما هو اقسى منها وحتما
اننا ستعبرها بالصبر والثبات والعض على المبادئ والنضال لاننا ندافع عن حقوق راسخة وقضايا عادلة .
4 / أملي أن يتبنى المؤتمر نظام الحكم الفيدرالي الاقليمي كنمط مناسب لحل مشكلات بلادنا أرتريا .
5 / أملي أن تتحول جبهة التحرير الأرترية لحزب سياسي يشمل كل أبناء الشعب الارتري ويجسد أحلامهم ومصالحهم المشتركة ويضمن عيشهم المشترك .
6 / أوصي بتجاوز أي قضية تضعف الجبهة وتهدد تماسكها وأن يدرك الجميع أن بقاء الجبهة أقوى وأكبر .
7 / أوصى بالدفع بكل قدراتنا لضمان خلق قواعد آمنة وساحة نضال داخل أرضنا وهذا ما سيحرر عملنا النضالي وينمي قدرات الدافع عن حق شعبنا وتغيير الطيغان بواقع وطني بكل الارتريين ولكل الارتريين .
8 / تبني التعليم وتقويته والاهتمام بالتعليم المهني والصحي وأملي أن يكون المعلمين رمزا للوفاء والتضحية النضالية والالتزام التنظيمي الصارم لأن الرسالة التي يؤدونها هي من اعظم المهام وعليهم ان يكونوا قدوة لبنائهم الطلبة .باللالتزام بأحلام النضال الوطني .
في الختام أتوجه أليكم أنتم أعضاء المؤتمر التاسع وأنا أسجل إفتخاري وإعتزازي بالنضال في صفوف
جبهة التحرير الأرترية منذ ستينات القرن الماضي لم أغير هذا الخندق وأنا قتالت في كل أرتريا لتكون وطناً عزيزا عادلاً لكل أبنائها يعيشون على أرضها ويفتخرون أينما وجدوا بالانتماء لها .
أسمحوا لي أن أعلن أمامكم ومنذ هذه اللحظة التاريخية ترجلي عن شغل أي موقع قيادي بما في ذلك المجلس المركزي كما أعلن تنحي عن كل المواقع لاتاحة الفرصة لغيري من المناضلين القادرين حاصة أنا من جيل أعطي وقدم تاريخاً مجيداً وعليه أن يفكر ملياً في الترجل لاتاحة الفرصة للأجيال الصاعدة مؤكدا لكم أن جبهة التحرير الأرترية ومناضليها الشهداء والأحياء ستبقى في وجداني ما بقي في العمر لحظة .
التحية لأبنائي في جيش التحرير الارتري الذين قضيت بينهم سنوات طوال وكانوا نعم الرجال واكثرهم رجولة وصبراً واذين يتواجد ممثلوهم بينكم وعبرهم لكل المقاتلين ولهم اننا اصحاب حق لايجوز لنا التفريط فيه مهما صعب المسير
لكم جميعاً التحية والتقدير ولشعبنا الارتري الأصيل الحرية والحقوق والكرامة
متمنياً لمؤتمرنا النجاح
ولجبهة التحرير الأرترية النصر المؤزر
أخوكم
حامد محمود حامد
22 / 11 / 2014م