كلمة جبهة التحرير الارترية
في امسية تابين المناضل القائد النقابي عبد الرحمن صالح ( نكروما )
القاها الاستاذ حسن اسد

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى في محكم تنزيله:( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون.
الحضور الكريم
رحل عن دنينا الفانية رمز من رموز النضال الوطني الذي كرس حياته لخدمة وطنه وشعبه في معركة تحرير اريتريا. ألا وهو المناضل عبد الرحمن صالح عثمان الملقب بنكروما. كان عبد الرحمن احد الرموز الوطنية التاريخية الذين تركوا بصمات بارزة في مسيرة النضال الوطني والثورة الاريترية التي حققت انتصار على الاحتلال الإثيوبي الغاشم لبلادنا. لقد أفنى المغفور له بإذن الله كل حياته لخدمة قضية شعبه بتفاني قل نظيره. عندما هاجر عبد الرحمن من اريتريا في خمسينات القرن العشرين كان يحمل هم وطنه ومعانات شعبه تحت وطأة الاحتلال الإثيوبي. وكان احد رموز الرعيل الاول الذين لعبوا دورا كبيرا لكسر التعتيم الاعلامي والتجاهل التام لكفاح شعبنا المشروع والعادل من قبل المجتمع الدولي.
لقد كرس نكروما حيزا واسعا من وقته لتوظيف صلاته واحتكاكه بالشخصيات العربية من الطبقات السياسية ووسط مختلف الجاليات العربية التي كان يحرص على الاحتكاك بها في العديد من الدول العربية التي تواجد بها لكسب العيش، أو متفرغا في أجهزة جبهة التحرير الاريترية( رائدة الكفاح المسلح)، التي تقلد بها المرحوم مناصب قيادية في فصائلها المختلفة . وكان من أنشط الرموز التي لم يشغلها الهم الشخصي ولم تستهويه أو تجتذبه نعم الحياة ولا مكاسب شخصية، وكان احد الذين اوكلت اليهم قيادة جبهة التحرير الاريترية مهمة تنظيم تشكيلات فروع جبهة التحرير الاريترية وسط العاملين الاريتريين في مختلف دول المهجر، والتي كانت الرافد الأساسي في دعم الكفاح المسلح بالإمكانيات المادية لتمويل حركة الثورة.
وفي سياق تطورمناشط تأطير وتعبئة الجماهير في الساحة الاريترية، تبلورت فكرة تأسيس منظمات جماهيرية فئوية لكي تلعب دورها المنظم في المشاركة السياسية في خضم النضال الوطني. وكان القطاع العمالي من اهم القطاعات الجماهيرية واوسعها. وكانت للمناضل عبد الرحمن نكروما ادوارا اتسمت بالنقاء والطهر الثوري كاحد ابرز النقابيين الذين افرز تهم الحركة العمالية الاريترية التي كان لها القدح المعلى في تحقيق طفرة نوعية في وعي الجماهير الاريترية واستيعاب دورها السياسي والتنظيمي لتصعيد وتائر النضال الوطني سياسيا وعسكريا في معركة التحرير التي خاضها جيش التحرير الاريتري ببسالة واقتدار افضى الى الانتصار الحاسم على الاحتلال الإثيوبي بتحرير التراب الوطني.
وبعد تحرير التراب الوطني من قوات الاحتلال، عاد المناضل عبد الرحمن نكروما الى ارض الوطن يحدوه الامل في المساهمة في بناء اريتريا الديمقراطية واقامة دولة المؤسسات الدستورية التي تتيح لجماهير شعبنا فرص المشاركة الشعبية في العملية السياسية في ظل مناخ سياسي تشارك فيه كل القوى الوطنية التي أسهمت في ملاحم مناوزلة قوات الاحتلال الاثيوبي على مدى ثلاثة عقود من الكفاح المسلح. وكان داعيا صلبا من دعاة تجاوز تناقضات وخلافات مراحل حرب التحرير، وحشد كل الطاقات الوطنية في البناء والتعمير، وبناء ركائز التعايش السلمي بين مكونات الشعب الاريتري، وكذلك الحرص على علاقات ايجابية تقوم على التعاون وتبادل المصالح مع المحيط المجاور الذي كان سندا حقيقيا من منطلق الايمان بعدالة القضية الاريترية بما يضمن امن استقرار منطقتنا.
الا ان النظام الدكتاتوري في اسمرا خدع الشعب الاريتري بما اسماها بالحكومة الانتقالية التي امتد عمرها لأكثر ثلاثين عاما حتى ألان، بزعم التمهيد لصياغة الدستور وسن القوانين الا انه سرعان ما كشف عن وجهه الاقصائي الذي افرغ الاستقلال الوطني من كل مضامينه وصدم الجماهير الاريترية وقواها الوطنية باصراره على الانفراد بالسلطة واقامة دولة بوليسبة لا تؤمن بمبادئ القانون ولا بمفهوم دولة المؤسسات. وبدأ حملته بمنع الحريات الأساسية وزج في السجون المظلمة والمصير المجهول كل من رفع صوته مطالبا بإطلاق الحريات وإقامة دولة القانون.
وفي ظل اوضاع سياسية وامنية مزرية وبعد ان ذهبت جهود كل الحادبين على مصلحة الوطن والمواطنين ادراج الرياح وشهدت حقوق الانسان في اريتري انتهاكات مروعة على نطاق واسع وباتت اريتريا جحيما طاردا لابناءها، وفي ظل خيبة الامل اضطر المناضل عبد الرحمن نكروما إلى مغادرة وطنه لتوفير العيش الكريم لأسرته الصغيرة في المنفى مكرها بعد أن افنى حياته في خدمة قضية شعبه حتى تم تحرير الأرض ولكن بقي الإنسان في اريتريا تكبله قيود الظلم والاضطهاد من قبل أجهزة القمع لنظام اسياس الدكتاتوري. وانتقل فقيدنا إلى رحمة ربه وشعبه ما يزال يرزح تحت الظلم والقهر على يد جلاد سرق أحلامه في الحياة الكريمة في ظل دولة مستقلة.
الا رحم الله المغفور له باذن الله عبد الرحمن صالح عثمان وادخله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.

احدث المنشورات